الأحد، 31 مارس 2013

Rock Bottom (1-2)

 
 
كانت تُعاني من الوزن الزائد ولم تتمكّن من التخلص منه، لم أرها منذ ثلاث سنين، رأيتها مؤخّرًا فلم أتعرّف عليها إلاّ من صوتها حيث تغيّر شكلها الخارجي نهائيًّا، فرحت من أجلها ولم أتمكّن من التخلص من فضولي فسألتها كيف استطعتِ فعل ذلك؟ ما الذي دفعك للنجاح في إنزال الوزن بعد أن فشلت كل المحاولات في إقناعك بذلك؟
 
قالت لي: مررت في السابق كما تعلمين بمواقف كثيرة كان من المفترض أن تقنعني بالالتفات إلى خطورة وضعي وضرورة معالجته، لكني كنت أتجاهل كل الإشارات، تجاهلت تدهور وضعي الصحي، تجاهلت صعوبة التسوّق لعدم وجود ملابس تُناسبني، تجاهلت الاختناقات التي كانت تُوقظني من نومي عاجزة عن التنفس، تجاهلت نظرات الاستنكار حين أهمُّ بالدخول إلى مصعد مزدحم، تجاهلت تأخّري في الزواج في الوقت الذي امتلأت فيه أحضان صديقاتي بالأبناء، لقد أرسل الله لي الكثير من الإشارات والضربات المتتالية على رأسي فلم أفهم، حتى جاءت الضربة القاضية التي كانت بمثابة الصفعة على وجهي، شعرت أن شخصًا ما يهزّني هزًّا ويقول لي : كفى!
 
هذا الشخص هو أنا، وذلك بعد أمسية في أحد المطاعم المزدحمة، حيث ذهَبتُ مع صديقاتي لتناول وجبة العشاء، كان المطعم فريد الطراز يجمع بين الحداثة والتراث، جلست على الكرسي المصمّم ليُشبه الكراسي القديمة، ويبدو أنه يُشبهها في الجودة كذلك، حيث ظلّ يئنّ تحت وطأة وزني الثقيل حتى انهار بعد ربع ساعة فقط، كنت حينها قد بدأت للتوّ بتناول الطعام.
 
لكِ أن تتخيّلي وضعي في تلك اللحظة، لم أشعر بالإحراج قدر شعوري بالذلّ والكلّ ينظر لي من الأعلى، أأضحك على الموقف أم أصرخ من الألم؟ أأبكي أم أتصرّف كأن شيئًا لم يكن رغم أني لن أستطيع الوقوف دون مساعدة من عدّة أشخاص؟ أمّا ردود أفعال الناس فتباينت ما بين هدوء الكبار وضحكات الصغار، تهامس الفتيات ونظرات الشفقة، أي ردّ فعل في هذه اللحظة مهما كان ليس بمقبول، لأنّ الوضع بأكمله ليس مقبولاً، حتى أولئك الذين ألقوا باللوم على الكرسي لم يشفوا غليلي، لأني كنت غاضبة على نفسي أكثر من غضبي على أي شيء آخر، كيف سمحت لنفسي بالوصول إلى هذه المرحلة؟
 
ذكرني كلامها بكلمة rock bottom بالإنجليزية، التي تُترجم بنهاية الأمر أو النقطة الحاسمة أو اللاعودة، ويُطلق عليها أحيانًا مسمّى "الحضيض" في الحالات الشديدة، سأتحدّث بتفصيل أكثر وبمزيد من الأمثلة الواقعيّة عن هذه الحالة الذهنية بأبعادها المختلفة الأسبوع المقبل إن شاء الله.
 
الراية القطرية - حديث الاثنين 1/4/2013 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق