الأحد، 17 مارس 2013

هل أوقفت المنبه مرة أخرى ؟

هل ضبطت المنبّه يومًا على وقت مبكّر عازِمًا أن تستيقظ فتُمارس الرياضة أو تقرأ القرآن وغير ذلك من الخطط التي تبدو سهلة جدًّا قبل النوم، ولكن ما إن يُزلزل صوته أركان السرير الدافئ حتى تُسكِته وتُكمل نومك؟ ثم تُعيد ضبطه في اليوم التالي ممنّيًا نفسك ليلاً بإنجازات صباحيّة مُبهرة مهما كلفك الأمر، ليتكرّر الفشل الصباحي اليومي كأنّ شيئًا لم يكن.
 
هل قرّرت قبل بدء العام الدراسي أن تُذاكر أوّلاً بأوّل، ومع مرور فترة بسيطة بدأت الدروس تتراكم وفشلت في السيطرة على الوضع؟ ثم يتكرّر القرار ذاته في الفصل الدراسي التالي لتتكرّر فصول المسرحيّة ذاتها كل عام .. حتى تتخرّج.
 
إن كنت تتخذ قرارات إيجابيّة كتلك ثمّ تتقاعس عن تطبيقها فلست وحدك، يعجز الجسد أحيانًا عن تلبية نداء الحكمة، وكلما استسلمنا لرغبات الجسد الباحث عن الراحة ينتهي بنا المقام نادمين على لحظة كنّا نستطيع فيها إرغام النفس على ما تكره طمعًا في القادم، وفي هذا السياق يحضرني حديث رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم: "حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ " (صحيح مسلم).
 
ضع لنفسك أهدافًا واقعيّةً ونفّذها تلقائيًّا دون تفكير مطوّل، فقط ادفع نفسك دفعًا للبدء بها، يقول الكاتب والمحاضر الأمريكي مايك دولي: إن من المهم جدًّا أن تستمرّ في المحاولة، ادفع نفسك نحو ذلك، إذا وجدت نفسك متكاسلاً اكذب على نفسك و قل اليوم فقط، الآن فقط، سأكتب فقرة واحدة فقط، سأقوم باتصال هاتفي واحد، سأطرق باب واحد، بعدها ستجد نفسك تقول أنا أستطيع أن أفعل أكثر من ذلك.
 
يُبرّر البعض فشلهم في تحقيق الأهداف بضعف الإرادة، رغم أن غياب الإرادة المشتعلة لا يعتبر سببًا كافيًا للفشل، فمن لا يملك الإرادة القويّة يملك في داخله أمرًا أقوى وهو القدرة على تأديب الذات بإرغامها على ما تكره، تمامًا كما يفعل الإنسان أثناء صيامه، فهو لا يحتاج إرادة قويّة ليستكمل الصيام رغم الجوع، يكفيه أن يُؤمن بأهمّيته فيُرغم نفسه عليه، منع نفسه بكل بساطة من الطعام والشراب حتى المغرب مهما كان مُحبًّا للأكل، وبذلك استطاع أن يصوم رغم اقتناعه أنه لا يملك الإرادة الكافية لإنزال الوزن، ولو كان صيامه جزءًا من نظام غذائي لَتَذَرّع بضعف الإرادة، ما أُريد أن أصل إليه هو أننا نستطيع فعل الأمور وإن لم نردها، بمعنى: وإن لم نملك إرادة قويّة تدفعنا لفعلها بحماس، يكفينا أن نُذَكِّرأنفسنا بأهميّتها.
 
نحن نستطيع أن نتجرّع العلقم إن كان فيه شفاء نبتغيه، فغياب الإرادة لا يعني غياب المحفّز، ومتى ما آمنّا بوجود محفّز استطعنا إرغام أنفسنا على القيام بالأمور المزعجة، ومع الممارسة سنعتاد على إجبار أنفسنا على المكاره فيسهل ذلك علينا، وفي هذا السياق يقال إن قوّة التحمّل هي العامل الرئيسي في اجتياز الأبطال للماراثونات وليس عامل اللياقة كما هو الاعتقاد السائد.
 
انظر للناس حولك تجدهم يقومون يوميًّا بأعمال ألزموا أنفسهم بها وإن كرهوها، فالخادمة التي لم تفرّط يومًا في الاستيقاظ مبكّرًا للتنظيف تحبّ النوم تمامًا كأهل البيت الغاطين في نوم عميق وربّما أكثر، لكن إيمانها بأهميّة ما تقوم به لكسب الرزق ومساعدة أسرتها دفعها لذلك دفعًا، وهذا ما ينبغي علينا تطبيقه: نُذكّر أنفسنا بالأسباب، ولنعلم أننا إن لم نتحكّم في أنفسنا فإننا سنكون فريسة سهلة لتتحكم بنا المؤثرات الخارجيّة.
 
ومع قدرة الإنسان على أن يقول لنفسه "لا" ينمو في داخله احترام كبير لذاته، والعكس صحيح فهو إن خذل ذاته في كل مرّة سيفقد احترامه لنفسه ويتعاظم إحساسه بالفشل، كما أن الإنسان بتأديب النفس يتحرّر من عبوديّتها، فيُصبح كل شيء بعد ذلك ممكنًا لأنه انتصر على أخطر أعدائه: نفسه، استعن بالله على نفسك وسترى العجب.
 
جريدة الراية - الاثنين 18/3/2013 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق