الاثنين، 30 يناير 2012

أنت أقوى من الظروف

رغم أن الكثير منّا يشعر أن ظروف الحياة أقوى منه، إلا أن الكثيرين في المقابل أثبتوا أنهم أقوى من الظروف، هم موجودون حولنا بكثرة ولكننا قد نغفل عن تقدير إنجازاتهم الشخصية في زحمة الحياة، أتحدث بالتحديد عن الأبطال الذين نراهم بيننا بشكل يومي؛ وليس عن النماذج التي قد يعتبرها البعض خارقة للعادة أو بعيدة المنال، رغم أنها قد لاتكون كذلك أبداً.

- عندما تتمكن من المذاكرة رغم سوء أوضاعك الصحية أو العائلية أو المادية وغيرها، وتنجح في الامتحانات التي رسب فيها غيرك، بل وربما تتفوق فيها... فأنت أقوى من الظروف!

- إذا استطعت أن ترسم على شفتيك ابتسامة واسعة، وتعامل من حولك بلطف و مرح، وتضحك على المواقف العابرة ، في الوقت الذي تصارع فيه أمواج الاكتئاب العاتية وظروفاً نفسية صعبة لسبب ما... فأنت أقوى من الظروف!

- حينما تتجرعين خيانة شريك العمر بصمت ، وتدفنين القهر في صدرك دفناً كي لايتفاقم الوضع، وتتعاملين مع ذلك الشخص بالحسنى على أمل أن يهديه الله فيتحسن الحال ويكبر الأبناء في بيئة أسرية سليمة... فأنتِ أقوى من الظروف!

- حينما تكون السجائر هي متنفسك الوحيد، وتتأصل هذه العادة فيك منذ سنوات المراهقة الأولى وحتى فترة متقدمة من العمر، وتكون محاطاً ببيئة تكثر فيها رائحة التبغ ومنظر التدخين، ثم تتمكن من اتخاذ قرار اللاعودة وتنجح فيه فتفوز بالتوبة والصحة... فأنت أقوى من الظروف!

- إذا وجدت نفسك حبيس وزن زائد، وأسير عادات غذائية سيئة تأصلت منذ طفولتك، وساكناً في مكان يحفل بمغريات الطعام والشراب، ولاأحد ممن حولك يدعم رغبتك في إنزال الوزن، ورغم كل ذلك استطعت أن تصل بنفسك إلى بر الصحة واللياقة والجسم الرشيق... فأنت أقوى من الظروف!

- إذا حافظت على مواعيد نومك واستيقاظك، وتناولت وجباتك بانتظام، و حرصت على الاهتمام بمظهرك، رغم أن حياتك قد انقلبت رأساً على عقب لمصيبة ألمت بك، لكنك آثرت إلا أن تتماسك ولاتسمح للمشكلة أن تزحف إلى أبعاد حياتك الأخرى... فأنت أقوى من الظروف!

لقد عشنا كأفراد وشعوب في وهم اسمه العجز، اقتنعنا أننا ضعفاء وأننا لانستطيع قلب الأمور لصالحنا، اعتدنا الاستسلام ولم نعد نستنكر وجوده، ولكن الحقيقة هي أننا أقوى مما نظن، الانهزامية التي نعيشها مهما اعتبرها البعض من مسلّمات الحياة إلا أنها حالة ذهنية فحسب، نحن من نفخ رب العالمين من روحه في أبيهم آدم، نحن من أكرمهم الله من فوق سبع سموات فأمر الملائكة والجن أن يسجدوا لذلك المخلوق البشري العجيب.

هذه دعوة لكل ذي موهبة أن يساهم في نشر ثقافة القوة ونبذ ثقافة الضعف التي ألقمتنا إياها وسائل الإعلام المختلفة وأورثناها بدورنا إلى الأجيال القادمة، ولكن ذلك لايعني عدم وجود نماذج مضيئة تستحق الإشادة، ومنها المثال القطري المميز الشاعر عبدالرحيم الصديقي في قصيدته "ما بَنكسر صابر" التي اشتهرت مُغنّاة وفات البعض معرفة من وراءها..

ما بَنكسر صابر.. لو فرصتي تمضي
والحظ لو عاثر : بَصنع أنا حظي!
لو تنثر أحلامي : بَرجع أرتبها!
ولو تصعب أيامي : بَعيش ومَحسبها!
يا مسهل الدنيا .. (مهما تعاندنا)
عادي..عادي التعب عادي! والحزن هو مِلحه
ولو ما الحزن بادي : مانفهم الفرحة





جريدة الراية - الإثنين30/1/2012

هناك 3 تعليقات:

  1. والله انا اعجب بمقالاتك واحدة تلو الأخرى
    رائعة جدا جزاك الله خيرا

    ردحذف
  2. سبحان الله
    لقد ساقني الله في لحظة يأس الى مدونتك وقرأت هاته المقالة التي ساعدتي في تخطي حزني
    شكرا لك

    ردحذف
    الردود
    1. يولد أقوى أنواع الأمل من أعتم لحظات اليأس فلا تستسلم.. أتشرف بأن كلماتي وجدت لها مكاناً في داخلك.. وأشكرك على التعليق الذي يدل على طيب معدنك ونقائك..

      حذف