الاثنين، 16 يناير 2012

كيف تُفسِد سعادتك

ما أكثر وصفات السعادة، وكنوع من التغيير حاولت ابتكار وصفة سهلة للتعاسة تتكون من ست مهارات في النكد، هو مقال عما لا يجب فعله، ربما إذا رأينا الأمور بالمقلوب نستطيع إصلاحها بفاعلية أكثر.

1- استرجع أحزان الماضي: ارجع بذاكرتك إلى الوراء.. إلى الطفولة.. إلى المراهقة.. إلى الجامعة التي لم تقبل بك.. إلى الوظيفة التي لم تكتب لك.. إلى المرأة التي لم تتزوجها.. إلى خلافات سنوات الزواج الأولى، وإلى كل ما فشلت فيه، ذكّر نفسك باستمرار بكل الأحزان التي مررت بها، عدّد لنفسك كل كلمة جارحة سمعتها وكل تصرف ظالم ارتكب في حقك، انبش قبور الموتى، ابحث عن أي مادة فنية حزينة واستمع لها أو شاهدها مراراً، أحي الماضي في داخلك كأنه لم ينتهِ.

2- توقع حدوث الأسوأ: ارسم في مخيلتك سيناريوهات حية لأحداث مؤسفة وتوقع حدوثها، كلما شعرت بالسعادة لرفقة أحد ذكّر نفسك أنكما لابد ستفترقان يوماً وستُفاجأ بأن الفرح قد تقلص كثيراً، تخيّل موت الأحباب بطرق تراجيدية مؤلمة، ترقب الأنفلونزا مع كل نسمة باردة عليلة، وانتظر الأخبار المفجعة بعد كل جلسة ضحك!

3- تحسّر على كل شيء: عنّف نفسك باستمرار على ما فعلته أو ما كان ينبغي أن تفعله، استنزف صحتك النفسية في الندم على الأمور اليومية البسيطة، كدعوة العشاء التي لم تلبها أو الوجبة التي لم تطلبها من قائمة الطعام، تحسّر على ارتدائك قميصاً بدل آخر، واجلد ذاتك بسبب اختيارك شراء سيارة بدل أخرى، وكي تتقن مهارة التحسر أكثِر من استخدام مفردات مثل: لو، ليت، للأسف، خسارة.

4- ابحث عن السلبيات وضخّمها: مثال ذلك أن تقوم كلما سافرت إلى بلد جميل بالتركيزعلى سلبيات الطائرة والفندق وكل التفاصيل الصغيرة التي لا تعجبك، إياك أن تتجاهلها بل ضعها تحت المجهر وتحدث عنها حتى بعد عودتك، لا تخبرهم عن جمال الطبيعة ولا عن روعة الجو ولا عن عراقة المدينة، أخبرهم عن بعد غرفتك عن المصعد، وعن الوجبة الباردة التي قدمت لك، وعن الحذاء الذي آذى رجلك.

5- أوهم نفسك بالسوء: دائماً انظر للأمور من زاوية سلبية، أوهم نفسك أن شكلك غير جميل وأن كل شيء ضدك وأنك لا تستحق الخير، رسّخ في داخلك فكرة أنك سيء الحظ وأخبر الآخرين بذلك كي تترسخ هذه القناعة أكثر في ذهنك، كن أنت سبب خسارة فريق الكرة الذي تشجعه إن تواجدت في الملعب، وكن أنت سبب انقطاع الكهرباء، استخدم كلمات تؤكد لك سوء حالتك مثل: أنا منحوس، أشعر بالملل، بالضيق، أنا مكتئب.. وغيرها، ولا تنس أن تتأفف بعمق.

6- تجنّب التنظيم: أجّل المهام واجعلها تتراكم حولك وفي داخلك، ثم اهرب منها ودعها تلاحقك، أفسد جدول يومك بالسهر الدائم ونم نهاراً بشكل مستمر حتى تصرخ ساعتك البيولوجية طالبة الرحمة ثم أسكتها بالانغماس في الأكل، دخّن وأهمل صحتك، وستتفاجأ بكمية التعاسة التي ستشعر بها بعد ذلك.

ورغم أن هذه الوصفة قد سلطت الضوء على عوامل أراها مؤثرة نفسياً وجسمانياً؛ إلا أن العوامل الروحانية تظل هي صاحبة الأثر الأبلغ بلاشك،هي تلك الأسباب التي يعرفها جميع المسلمين من إضاعة الصلاة وهجر القرآن وارتكاب المعاصي.


خلاصة القول أن البعض قد يستغرب من الضيق الذي يشعر به ويجهل مصدره، لكن ربما لو راقب الإنسان سلوكه اليومي بتمعن لوجد أن الغرابة تكمن فيما لو شعر بالسعادة رغم كل ذلك، لا يلزمنا أحياناً أن نفعل الكثير كي نسعد فالحل أحياناً أبسط مما نتخيل، ولعل بساطة الأمر تتجلى في قول الشاعر:

إيه انا المسرور لو مالي حبيب..اكتشفت ان الكلام أحيان يَفرِق !
كنت أقول: الشمس لو تشرق تغيب.. وصرت أقول: الشمس لو غابت بتشرق

جريدة الراية -  الإثنين16/1/2012 م
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=617414&version=1&template_id=168&parent_id=167

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق