الاثنين، 20 فبراير 2012

هل تتسول الحب؟

هل تلاحق صديقك بالاتصالات ومسجات العتب إن لم يرد عليك؟ هل تلح على شريك الحياة كي يهتم بك؟ هل تلوم أحد والديك إن شعرت أنه لا يحبك بقدر حبه لأخيك؟ هل تشعر بالقهر لأنك تعطي من المشاعر أكثر بكثير مما يُعطى لك؟ إن كنت كذلك فأنت بكل أسف .. تتسوّل الحب!.

أنت تستحق الحب ولكن ليس من شخص بعينه، وفي كل الأحوال أحِبّ نفسك إن لم ير الآخرون مدى روعتك، دعهم يقدموا لك من المشاعر ما تجود به أنفسهم لا ما أرغمتهم عليه، فالحب لايأتي أمراً، وإن طلبناه بشكل مباشر فإنه يأتي مصطنعاً وباهتاً، يأتي لإسكاتنا فحسب، يكون أكثر إيلاماً من عدمه.

انشغل بأمورك الخاصة كما انشغلوا عنك بأمورهم أو بغيرك، وكن على ثقة أن من يُرِد قربك لن تمنعه المشاغل من التواصل معك بشكل أو بآخر، تواصل مع الآخرين بود وسلاسة فالعتب المستمر هو صورة من صور فرض الذات على الآخرين، ولا أحد يستحق أن يضع نفسه في ذلك الموقف المهين.

على الجانب الآخر، هناك دائماً شخص يحبك وينتظر منك ما تنتظره أنت من الآخرين، قد يكون انشغالك بتقصيرهم قد شغلك عنه، ربما ذلك الشخص هو أمٌّ تفرح بطلتك عليها فرحاً تترجمه الدعوات التي يلهج بها لسانها كلما رأتك أو سمعت صوتك، ربما هو صديق الطفولة الذي يتصل بك كل فترة ولاتبادر أنت بالاتصال به، قد يكون ذلك الشخص جارك الذي يبتهج ويلوّح لك كلما صادفك في الطريق ويبحث عنك بين الصفوف كي يصلي بجانبك كلما اجتمعتما في المسجد ويستغل الوقت القصير بعد التسليم ليسأل عن أحوالك باهتمام، ربما هو الخادمة التي كَبرتَ أمام عينيها وتراك الآن منشغلاً بكل شيء بعد أن كانت في أحد الأيام قريبة جداً منك، تنظر إليك بفخر وقد تجاوزتها طولاً وتشعر بأن لها بعض الفضل في ما أنت عليه اليوم، ولكن الواقع أن طعامها لم يعد يعجبك مهما حاولت التودد إليك به، بل ربما تضحك على بساطتها إن بكت على فراقك عند سفرها لتر أهلها، وربما عادت من السفر فلم تجد منك ترحيباً أو فرحاً بهداياها البسيطة.

كل أولئك الذين يتوددون لك في الوقت الذي تمارس عليهم الإرهاب الاجتماعي الذي يمارسه غيرك عليك لن تحمل قلوبهم غلاً عليك لأنهم يحبونك حقاً، ومتى ما عدت لهم ستجد أذرعهم مفتوحة ملء الدنيا فرحاً بقدومك، كفرحتك بمن تتسوّل منهم الحب لو قرروا يوماً أن يعاملوك بالمثل، كلّما أَهملت من يحبك وتناسيت وجوده في زحمة الحياة تَذَكَّر أن من تتسوّل منهم الحب ينسونك كذلك في زحمة حياتهم.

جريدة الراية - الإثنين20/2/2012



هناك تعليق واحد: